ولد سمو الشيخ محمد بن خالد آل نهيان رحمه الله في قصر الحصن في أبو ظبي في عام 1942. وهو الولد الوحيد للشيخ خالد بن سلطان آل نهيان ، ترعرع وتربى في أحضان والديه ، وتمتع بوافرالرعاية والحماية والتنشئة الأبوية الخاصة ، وكان موضع اهتمام الجميع وتقديرهم .
وتوفرت له كل أنواع الرعاية المتميزة، وكان شغوفاً بالمعرفة والعلم منذ الصغر ، وكان التعلم الديني أولى محطاته في سبيل المعرفة حيث تتلمذ على أيدي كبار مشايخ العلم آنذاك في القراءة والكتابة وحفظ ما تيسر من القرآن الكريم .
أتاحت له حياته مع والده اكتساب الخبرات والمعارف الحياتية خلال مشاركته في المجالس الاجتماعية المتنوعة ، وكذا مشاركته في الفعاليات الحكومية في تلك المرحلة المهمة من تطور إمارة أبوظبي .
و أكسبته هذه الخبرات مزيداً من الحكمة ، والحنكة الإدارية ، والقدرة على إدارة الأمور الاقتصادية والتنظيمية . لذا أصبح سموه من الركائز الوطنية الأساسية في إمارة أبو ظبي، فقد كان ممثلا للحاكم في جبل الظنة في أوائل الستينيات، ونائب رئيس الدائرة المالية عام 1966م وعضو بمجلس التخطيط عام 1968م ، ورئيسا لدائرة الجمارك والموانئ عام 1969م، ووزيرا للمواصلات والتي تشمل دائرة الموانيء ودائرة البريد ودائرة الطيران المدني عام 1971م ، ثم رئيسا لدائرة التنظيم والإدارة، ورئيسا لمجلس الخدمة الوطنية.
لكنه – رحمه الله – آثر أن يترك المناصب السياسية في الدولة ، وأن يتوجه للعمل الخاص به . إيمانا منه بأن الإنسان يستطيع أن يخدم وطنه في مقاعد الوزارة أو خارجها .وهذا ما سعى إليه بأن استثمر أمواله وجهوده في دعم المسيرة العمرانية للدولة، والمساهمة الفعالة في النهضة الحضارية للدولة.
ولقد ورث سمو الشيخ محمد بن خالد آل نهيان عن والده حب الناس والوفاء والإخلاص للأصدقاء مما مكنه من أن يتمتع بصداقات مخلصة ، وعلاقات وطيدة ظلت تربطه بأبناء وطنه ، وقد عبر كثيراً ممن عرفوه عن فادح خسارتهم بعد وفاته رحمه الله .
تشجيع العلم وحب المعرفة:
الشيخ محمد بن خالد آل نهيان رحمه الله كان شغوفاً بالمعرفة الثقافية ، ومحباً للتعليم ، وقارئاً جيدا ومحاوراً بارعاً في العلوم والمعارف .
وكان شغوفاً بمعرفة الجديد والحديث ومتابعا لمجريات الأحداث والقضايا التي داخل الوطن وخارجه ، ويهتم كثيراً بنشر الوعي في مجلسه مع أصدقائه وضيوفه الذي كان يمتلئ به مجلسه العامر . لذا كان داعما للعلم و التعلم لكل من حوله.
و كان يحرص بالقدر نفسه على متابعة أبنائه في تحصيلهم الدراسي والمعرفي، ويحرص على أن يكونوا من المتميزين. ولا يقف اهتمامه على أبنائه فقط بل كان يمتد إلى الكثير من أبناء وطنه، فكان مشجعا لهم، مقدما يد العون لاستكمال دراساتهم وتوفير فرص التعليم لهم في أحدث المدارس والجامعات ويقدم لهم بعثات تعليمية في الخارج على نفقة سموه.
حياته الأسرية :
اقترن الشيخ محمد بن خالد آل نهيان رحمه الله بسمو الشيخة حمدة بنت محمد بن خليفة آل نهيان حفظها الله ، و استطاعا أن يقدما للمجتمع نموذج الأسرة العربية الناجحة ، رزقهم الله بعشرة من الأبناء والبنات . استطاع رحمه الله أن يرعاهم رعاية مميزة بمساعدة ورعاية قرينته حفظها الله
سمو الشيخة حمدة بنت محمد بن خليفة آل نهيان واستطاعا أن يقدما نماذج يحتذى بها من خيرة أبناء الوطن في دولة الإمارات العربية المتحدة .
سمو الشيخ خليفة بن محمد بن خالد آل نهيان
سمو الشيخ سلطان بن محمد بن خالد آل نهيان
سمو الشيخ حمدان بن محمد بن خالد آل نهيان
وسمو الشيخات الكريمات ( سمو الشيخة د.شما، والشيخة روضة ، والشيخة مريم ، والشيخة سلامه ، والشيخة موزه ، والشيخة شيخة ، والشيخة ميثاء ) .
وكان – رحمه الله- متابعا دقيقا لشؤون أسرته، ويربيهم على أن حب الوالدين والبر بهما هو الأساس الذي يزرع في الإنسان حب الوطن.
وكان لوفاته المبكرة رحمه الله أثراً كبيراً على أسرته لكن الأساس الذي أرساه في حياته استطاع أن يجعلهم متماسكين متحابين متراحمين يجمعهم حبه ، وروحه الحاضرة الغائبة في نفوسهم ، وينهلون من نبع القيم التي أرساها ، برعاية سمو الشيخة حمدة بنت محمد بن خليفة آل نهيان.
هواياته المحببة :
الشيخ محمد بن خالد آل نهيان رحمه الله من الأسرة الحاكمة، و قد اتسم أفراد الأسرة بولعهم دائما بالصيد ، و الفروسية و حب الفصاحة و الشعر .
وكان رحمه الله مولعاً بالخيل، وحريصاً كل الحرص على اقتناء أفضل الخيول العربية، و تربيتها ورعايتها، و مشاركتها في السباقات المحلية و السباقات في الدول المجاورة،… و قد اتسمت إسطبلات سموه رحمه الله بالتميز ، و التفرد في الرعاية و التدريب و الترويض لهذه الخيول العربية الأصيلة التي استطاعت أن تسجل مراتب متقدمه في السباقات.
وكان الصيد بالصقور من أهم و أحب الهوايات التي كان يمارسها رحمه الله ، فقد كانت هوايته المحببة ، و التي زرع حبها و تأصيلها في ثقافة أبنائه الذين كانوا يرافقونه في كل رحلاته ، حتى أصبحوا يسيرون على نهجه في القنص ، و الصيد بالصقور … في كل موسم سواء في داخل الدولة أو خارجها …
للصقر في حياته مكانة خاصة ، و قيمة و معنى فنجده حريصاً كل الحرص على صحته و راحته ، و تدريبه و المحافظة عليه و هذا ما ورثه عنه أبناؤه من الاهتمام المتميز بالصقر و الصقارين المهرة في حياتهم .
و لم يقتصر رحمه الله على الاهتمام بالصيد البري بل كان شغوفا بالصيد البحري حيث يقضي معظم وقته بالحياة البحرية و تنظيم الرحلات لها ، و الإشراف عليها بنفسه.
و كان رحمه الله يملك أكبر فرق الصيد بالصقور ، ويجمع حوله أهم رجالات الخبرة و المهارة من أبناء القبائل و العشائر المعروفة التي مازالت تشهد له بالتنظيم المتميز و القيادة الماهرة في إدارة رحلات الصيد .
إنسانيته و تواضعه :
أجمع كل من تعامل مع شخص سمو الشيخ محمد بن خالد آل نهيان رحمه الله، بأنه شخصية إنسانيه لا مثيل له ، متواضع رحيم، محب لكل الناس .
فقد كان يزورهم في مختلف مناسباتهم آيا كانت ، و يتفقد أحوالهم ، و يحرص كل الحرص على مشاركتهم في مواقف حياتهم المتنوعة . وكان له مع كل من عرفه أو صادقه موقفاً إنسانياً لا يُنسى من فرط تواضعه وإنسانيته .
فقد كان – رحمه الله – إنساناً بكل ما تحمله الكلمة من معان، فلا فرق عنده بين أبنائه أو أبناء مجتمعه
وليس غريبا – إزاء كل ذلك – أن يتمتع المغفور له بإذن الله تعالى سمو الشيخ محمد بن خالد آل نهيان بهذه المحبة من جانب أبناء وطنه في كل المناطق التي وطأتها قدماه في حله وترحاله.
أعماله و إنجازاته :
الشيخ محمد بن خالد آل نهيان من الدعائم الاقتصادية و الركائز الوطنية الأساسية في إمارة أبو ظبي، فقد استطاع أن يحقق من خلال أنشطته الاقتصادية و الاستثمارية، تدعيما لخطط التطوير الحكومي والمساهمة في إظهار صوره حضارية راقية لوطنه ، من خلال المشروعات العمرانية، و فتح آفاق واسعة أمام المواطنين في التوظيف ، و الارتقاء بالحياة العامة في المجتمع. مما كان له الأثر الكبير في دعم الانتماء والولاء على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة ، كما امتدت أعماله لدعم الاقتصاد الوطني بفروعه المختلفة و ساهم في النمو الاقتصادي للدولة ، من خلال المشاريع العملاقة التي تبناها ، و بعد وفاته تواصلت إنجازاته برعاية سمو الشيخ خليفة بن محمد بن خالد آل نهيان بمساندة أشقائه منتهجين نهجه في مسيرته العطرة ، فكانوا خير خلف لخير سلف .